في تاريخ 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها ضد سوريا بشأن طلب تحديد الإجراءات الاحترازية الذي تقدمت به كندا وهولندا في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من المعاملات والعقوبات القاسية واللاإنسانية والمهينة.
وقد أمرت المحكمة بأن تتخذ الحكومة السورية (1) تدابير فعّالة ضمن إمكانياتها لمنع أفعال التعذيب من قبل الجهات الرسمية والمنظمات تحت سيطرتها (2) ومنع تدمير وضمان الحفاظ على أية أدلة تتعلق بالاتهامات بأفعال تندرج ضمن نطاق اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من المعاملات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وإنهاء استخدامها للتعذيب واحتجاز الأشخاص بطريقة تهدف إلى الحفاظ على الوضع الراهن حتى تتخذ المحكمة القرار النهائي بشأن القضية.
رحبت مجموعة ميثاق الحقيقة والعدالة آنذاك بقرار المحكمة بشأن طلب الإجراءات الاحترازية، بالرغم من الشعور بالخيبة لعدم تضمن تلك التدابير على إجراءات ذات فعالية أكبر كوسيلة وقائية تهدف إلى حماية الأفراد من التعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز السورية.
وبعد مضي أكثر من 6 أشهر على قرار محكمة العدل الدولية، ومع غياب المراقبة الدولية على تنفيذ التدابير المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية، وبمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، يؤكد ميثاق الحقيقة والعدالة على عدم امتثال النظام السوري بتنفيذ تلك الإجراءات الاحترازية، فمازال التعذيب سارياً في مراكز الاحتجاز التابعة له، بالإضافة إلى استمرار إخفاء الأدلة وإتلافها بشكل متعمد، مما يشكل استمراراً لخرق اتفاقية مناهضة التعذيب الدولية، فخلال الأشهر الستة الماضية تمّ توثيق مقتل ما لا يقل عن 29 شخصاً بسبب التعذيب في السجون السورية، واعتقل ما لا يقل عن 534 مدنياً بينهم 8 أطفال و21 سيدة، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
كما يؤكد ميثاق الحقيقية والعدالة على استمرار النظام السوري بإصدار شهادات وفاة للمعتقلين/ات داخل مراكز الاحتجاز، وتوزيع هذا الوثائق الرسمية على الدوائر الحكومية المعنية. مع غياب ذكر سبب الوفاة الحقيقي والغموض الكامل الذي تعاني منه عائلات المفقودين/ات عند الحصول على تلك الوثائق.
ويتزامن كل ذلك مع تزايد الضغوط على السوريين/ات المقيمين/ات في الخارج، في ظل التهديدات المتتابعة بالترحيل والتي تدفعهم نحو مغادرة البلدان التي لجؤوا إليها والعودة القسرية إلى سوريا بالرغم من استمرار عمليات الاعتقالات التعسفية الإخفاء القسري الذي يمارسه النظام بحق العائدين/ات إلى سوريا.
لذا، وفي حين نحترم التزام المحكمة الدولية بالعدالة، نحن، الناجين/ات وعائلات المفقودين/ات في سوريا، ضمن روابط ميثاق الحقيقة والعدالة، نطالب بتنفيذ الإجراءات التي أصدرتها المحكمة وكذلك إضافة تدابير أخرى تضمن وقف ممارسات التعذيب والمعاملة اللاإنسانية تحت إشراف المؤسسات الدولية المعنية وإلزام الحكومة السورية بتسليم المحكمة:
قوائم بأسماء المعتقلين لدى السلطات السورية، وقوائم بأسماء المعتقلين الذين لقوا حتفهم أثناء الاعتقال أو تم تنفيذ أحكام إعدام بحقهم، والأوراق المتعلقة بها بما يتضمن التقرير الطبي، وكيفية تسليم الجثة لذويها، وقوائم بأسماء المعتقلين الذين لقوا حتفهم أثناء الاعتقال ودفنوا في المقابر الجماعية التي يطالب طلبكم بتوفير معلومات عنها.
والإعلان والتعميم بإيقاف العمل فوراً بمواد المراسيم والتعليمات الداخلية والقوانين غير المعلنة التي تمنع التحقيق والمقاضاة والمعاقبة لمرتكبي التعذيب من موظفي الدولة، إلا بإذن من القيادة العسكرية ورئاسة الجمهورية، والسماح بالتحقيق ومقاضاة مرتكبي التعذيب من قبل القضاء المدني، وتقديم المعلومات حول الإجراءات التي اتخذت بحقهم، وتزويد محكمة العدل بمعلومات عن هذا الإجراء.
ميثاق الحقيقة والعدالة