تم رفع دعوى مدنية في محكمة مقاطعة كولومبيا الأمريكية ضد الحكومة السورية لقيامها باحتجاز واستجواب وتعذيب مواطن سوري أمريكي في فرع المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري، الذي يضم الطائرة الرئاسية لبشار الأسد، وتزعم الدعوى أن احتجاز المدعي وتعذيبه تم كجزء من استخدام النظام السوري الواسع والمنهجي للاحتجاز والتعذيب والاختفاء القسري كتكتيكات لقمع وإسكات من تراهم كمعارضين للحكم الاستبدادي للنظام. تم رفع الدعوى من قبل مركز العدالة والمساءلة (CJA)، إلى جانب المحامي المشارك المتطوع فريشفيلدز، بموجب قانون الحصانات السيادية الأجنبية، والذي يسمح للمواطنين الأمريكيين بمقاضاة الدول الراعية للإرهاب، مثل سورية، بتهمة التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء.
تمثّل هذه الدعوى فرصة لتقديم أدلة أمام المحكمة الفيدرالية الأمريكية التي توثق القمع الوحشي للنظام في الماضي والحاضر – ولجعل المحكمة تصدر نتائج رسمية للقانون والوقائع التي تعترف بهذه الجرائم الأوسع وتأثيرها المستمر على المحتجزين وعائلاتهم. يجب أن تكون هذه القضية هي القضية التي تقنع قادة العالم أخيراً بمعالجة مؤسساتنا العالمية المعطلة، مثل مجلس الأمن الدولي، وإيجاد طريقة لمحاكمة الأسد. يجب ألا تكون روسيا، حليفة سورية، قادرة بعد الآن على عرقلة العدالة في جرائم الحرب الدولية، وعلى قادة العالم أن يعملوا على وضع حد للاحتجاز والتعذيب المنهجيين لمئات الآلاف من الأشخاص. إن جريمة الأسد معروفة وموثقة جيداً، ومع ذلك يتم احتجاز الناس وتعذيبهم وقتلهم من قبل نظامه حتى يومنا هذا. على مدى سنوات، عاشت مئات الآلاف من العائلات في سورية في دوامة مؤلمة من عدم اليقين؛ تحملت فقدان أحبائها الذين انتُزعوا منها ليتعرضوا للتعذيب والاحتجاز في الظلام. والخسائر المادية والعاطفية هائلة.
الاعتقال منهجي وتكتيكي، وهو محاولة لإسكات وقمع جميع السوريين لأن الخوف من الاختفاء في سجون الأسد السرية هو دائما خطر حقيقي جداً، وهذه القضية الأمريكية التاريخية تأتي في أعقاب قضايا جنائية أخرى في أوروبا تم من خلالها التحقيق مع ضباط المخابرات السورية السابقين واتهامهم بالتعذيب، على الرغم من أن القضية الحالية تستهدف الآن النظام ككل. في عام 2018، رفع مركز العدالة والمساءلة CJA قضية مدنية أمريكية أخرى ضد سورية بسبب القتل المستهدف لصحفية صنداي تايمز ماري كولفين.
إن الحكم على النظام السوري بأنه مسؤول عن التعذيب سيكون انتصاراً صغيراً لنا جميعاً، لكن في الوقت الحالي لا يزال الناس محتجزين في سورية يتعرضون للاحتجاز من منازلهم أو أثناء سيرهم في الشوارع. لا يزال أكثر من 135,000 شخص محتجزين أو مختفين قسراً، وعلى حكومة الولايات المتحدة، إلى جانب الحكومات الأوروبية، بذل المزيد من الجهد لوقف جرائم نظام الأسد المستمرة وتحرير أحبائنا من زنزاناته.
قضية رجل واحد هي دعوة كل سوري للعدالة والمساءلة. يمكن للمدعي رفع هذه الدعوى في الولايات المتحدة لأنه سوري أمريكي، لكنه يقدم الملفات نيابة عن جميع السوريين المتضررين، وهو يرفع هذه الدعوى أمام محكمة أميركية نيابة عن كل واحد الـ135 ألف شخص الذين لا يزالون محتجزين أو مختفين قسراً على يد قوات الأسد، وعن كل فرد من عائلات المعتقلين ينعي فقدان أحبائه على أيدي قوات الأمن السورية.
وينبغي أن تكون هذه القضية دليلاً آخر على جرائم الحرب التي ترتكب اليوم. إن ذنب النظام السوري موثق بشكل جيد، لكن لا يزال السوريون محتجزين ومختفين، ويتعرضون للتعذيب والقتل دون عقاب. وبسبب مؤسساتنا العالمية المعطلة، لا توجد محكمة على وجه الأرض قادرة على تقديم نظام الأسد للمحاكمة. ولا بد من أن يتغير هذا الوضع.