بعد أن عانت الجمهورية العربية السورية 11 عاما من العنف والصراع، انخفضت فيها الأعمال العدائية وبدأ الحديث عن عودة الحياة إلى طبيعتها، غير أ ن ذلك يُخفي حقيقةً قاتمة لا تزال تستقطب الاهتمام اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهي الحاجة إلى معالجة مأساة المفقودين. وهذه دعوة تُطلقها على نحو متزايد منظمات الضحايا والناجين والأسر، والمجتمع المدني السوري، والمؤسسات الدولية، والعديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحد ة. وقد انعكست الحاجة الماسة إلى معالجة هذه القضية في قرار مجلس حقوق الإنسان 47/ 18 الذي ر كز على الاحتجاز والاختفاء القسري في الجمهورية العربية السورية.
وتُوِّج هذا الزخم بالقرار 76/228 الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021، والذي طلبت بموجبه إلى الأمين العام أن ” بأعداد دراسة عن كيفية تعزيز الجهود، بما في ذلك من خلال التدابير والآليات القائمة، لتوضيح مصير وأماكن وجود المفقودين في الجمهورية العربية السورية، والتعرف على الرفات البشرية وتقديم الدعم لأسرهم”. ومن بين الحلول المطروحة، كان الاقتراح الرئيسي إنشاء هيئة جديدة متخصصة في قضية المفقودين في الجمهورية العربية السورية، وهو اقتراح تقدم به أيضا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان
وجددت المناقشات بشأن هذا الموضوع الاهتما م بحق الأهالي في معرفة ما حد ث لمفقوديهم، مع بعض الالتباس أو سوء الفهم، لا سيما فيما يتعلق بمعنى هذا الحق وما يترتب عنه من آثار. والهدف من هذه الورقة توضيح تعريف ونطاق الحق في المعرفة بموجب كل من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكيفية ارتباط هذا الحق بالانتهاكات وبأهالي المفقودين باعتبار هم ضحايا في سياق الجمهورية العربية السورية.