ومضة من ذاكرة مريم, تلك الساعات التي كانت تنتظر فيها استلام شهادة الوفاة لابنها الدكتور ايهم غزول, حيث تجمعت وعدد اخر من الناس منتظرين ان يحين الوقت لاستلام الشهادات. لتقطع امراءة موجودة الصمت قائلة ” من الجيد ان المكان غير مزدحم اليوم” , تاركا انطباعا لدى جميع الحاضرين بان المكان عادة مزدحم.
صمتٌ يعمّ في المكان ليُقطع مرةً أخرى بصوت السيدة التي اشارت هذه المرة أن سيارة قد تأتي قريبا لرمي الجثث , ولما سؤلت كيف عرفت, اجابت انها شاهدت سيارة مشابهة صباحا. لاحقا, تأتي السيارة البيضاء , لترمي 15 جثة , مغلقة باكياس من الناليون الشفاف.
لم يعد الامر مفاجئا للكثير بان الحصول على شهادة الوفاة رفاهية لم يحصل عليها الى اليوم الكثير من الاباء والابناء الذين ما زالو ينتظرون معرفة مصير احبتهم. نعم فعقوبة المعارض للنظام وعذاباته لا تنتهي بموته , بل تستمر وتمتد الى درجة تصبح بها وثائق وفاته رفاهية قد لا تحصل عليها عائلته, واثره ومكان دفنه بات حلما لدى الالاف من العائلات السورية.
تتابع مريم الحلاق, حول ذاكرتها عن يوم ذهابها الى الطبابة الشرعية في مشفى تشرين لاستلام الشهادة , وخلال مرورها لتصل الى مكتب الطبابة الشرعية كان هناك مجموعة من التوابيت المغطاة بعلم النظام السوري يتم نقلها الى سيارات , كإشارة على انهم مقاتلون مع قوات الاسد.
لربما رؤية التوابيت , ذكرتها بان لأبنها مكان دفن فيه, لربما تناست ان حق دفنه من وجهة نظر جلاديه غير مصان, لتسأل الشخص في مكتب الطبابة الشرعية , عن امكانية معرفة اين دفن أيهم, وجاء الجواب صراخا ” لا تسألوا!, ممنوع هذا السؤال”. ولما تابعت متسائلة لماذا هؤلاء بتوابيت مغلفة بالاعلام ترسل بسيارات وطائرات الى كل مكان, ليتكرر الصراخ ” لا تسألوأ!!! …. “.
قد تبدو القصة فريدة , الا انها قصة الالاف من العائلات التي ما زالت الى اليوم تبحث عن ابناءها , الكثير منهم الى اليوم لم يحظى حتى بحق معرفة ان كان قد مات او على قيد الحياة.
فيلم #حفار_القبور , الذي انتجته قناة الجزيرة يظهر البعض من تفاصيل حياة الاهالي لمفقودين وصل عدد المؤكد منهم الى مئة الف , كانت مريم الحلاق احدى هذه الامهات الذين تحولت حياتهن الى نشاط وبحث متواصل عن الحقيقة كرمى لابناءهم. كما ويحكي الفيلم فصل اخر من حكاية المختفين قسرا في سوريا , والقليل عن المقابر الجماعية التي جمعت بعضا منهم دون معرفة من الذي دفن هناك الى الآن.
رابط الفيلم للمشاهدة كاملا :