أتمت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعها يوم الجمعة الماضي الثامن من ابريل الجاري، حيث كان للانتهاكات في سوريا نصيب في إحاطة المفوضة السامية لحقوق الانسان، ميشيل باشليت، الإحاطة التي رحبت بقرار 76/228 للحصول على تقرير دراسة حول كيفية تعزيز الجهود الرامية لتوضيح مصير الأشخاص المفقودين في الجمهورية العربية السورية وأماكن وجودهم، وتحديد هوية الجثث وتقديم الدعم لعائلاتها.
وأثارت باشليت في كلمتها أمام الدول الاعضاء واقع حقوق الانسان في سورية والانتهاكات التي تمت فيه واصفة حجم المأساة في سوريا بالمروع، حيث اختفى العديد من الأشخاص في سياقات مختلفة، مثل الأعمال العدائية وخلال النزوح او الاحتجاز.
وقالت باشليت في كلمتها امام الجمعية العامة “على الرغم من العمل الدؤوب للضحايا والناجين السوريين وجمعيات الأسرة ومجموعات المجتمع المدني الأخرى – وجهود العديد من الهيئات الدولية – لا يزال الوضع الحالي لعشرات آلاف الأشخاص وأماكن وجودهم ومصيرهم مجهول”، مؤكدة أن السعي لتحديد مكان ومصير المفقودين في سوريا، بما في ذلك المختفون قسريا والمختطفون والمعتقلون تعسفيا، يدل على الألم والخوف والمعاناة المستمرة التي سببها الصراع الطويل والرهيب في البلاد.
كما و أشارت الى أن الاثنا عشر سنة الماضية في الـ “الصراع” القائم في سوريا، اتسمت بالنقص الواضح وغياب التقدم في مسألة المختفين قسرا والأشخاص المفقودين، وأن الآلاف من عائلات المفقودين لا تزال تجهل مصير أبنائها وأحبائها، مضيفة أنه ” من الضروري إبلاغهم بمصير ومكان وجود أحبائهم والسماح لهم بزيارتهم أو التواصل معهم”.
كما ودعت المفوضة السامية الى السماح لوكالات حقوق الإنسان والوكالات الإنسانية بالوصول إلى جميع الأماكن التي يُحتجز فيها المعتقلون والمختطفون, وقالت: “من الضروري أن يستجيب المجتمع الدولي لحجم ورعب الانتهاكات والجرائم المرتكبة في سوريا بإجراءات ملموسة لتعزيز حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والعدالة”.
الجدير بالذكر، أن دعوة باشليت الى السماح بدخول المنظمات الدولية للكشف عن مصير المعتقلين والمختفين قسرا تتفق مع مبادرة ميثاق حقيقة وعدالة، المطالبة بالسماح الفوري لدخول المنظمات الدولية للكشف على السجون والكشف عن واقع المعتقلين والمختفين قسرا, حيث قامت باشليت بالاقتباس من قول احد عائلات الضحايا أن ” كل يوم تأخير يعرض المزيد من الضحايا للخطر، وكل يوم يمر دون أي فعل نخسر المزيد من المعتقلين الذين يموتون في الحجز”.
كما واشارت باشليت الى كلمة الأمين العام في العام الماضي، وأن ” عشرات الآلاف من السوريين حُرموا تعسفاً من حريتهم في ظروف قاسية وكثيراً ما تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة. تعرض الرجال والنساء، وكذلك الأطفال، بمن فيهم الفتيان الذين تقل أعمارهم عن 11 عاما، للعنف الجنسي أثناء الاحتجاز”، في إشارة الى الواقع المأساوي في كافة انواع المعتقلات والسجون في سورية.
وفي سياق متصل، أكدت المفوضة السامية في إحاطتها، ان حجم الكارثة في سورية وضع اهالي الضحايا في خانة المتضرر المباشر من هذه الانتهاكات ايضا، وأن التأثير على الأقارب خاصة من النساء والأطفال كان شديدا، وذلك بسبب ما يواجهونه من عقبات قانونية وعملية متعددة في جوانب أساسية من حياتهم اليومية، فهم اليوم كما اضافت باشليت ” مجبرون على أن يصبحوا العائل الوحيد بينما يقومون بالبحث المرعب والمحبط في كثير من الأحيان عن أحبائهم.”
كما وأوضحت ان الانتهاكات التي طالت المفقودين والمختفين قسرا، تمتد اليوم بشكل مباشر الى عائلاتهم، كمخاطر ومخاوف الانتقام في حال التبليغ عن الحالات، لا سيما الابتزاز والرشاوي من قبل هؤلاء الذين يستغلون يأس العائلات،وقالت: ” المروع بشكل خاص هو السوق السوداء لتقارير مزورة ومزيفة عن الاحتجاز والاستجواب، مما أدى إلى تفاقم معاناة العائلات”، فالعائلات اليوم هم ضحية ايضا، مضيفة أن” إعمال هذا الحق هو خطوة أساسية نحو المساءلة والمصالحة.”
وبيّت باشليت في كلمتها امام الدول الاعضاء، ان الكثير من العائلات الذين ما زال بحثهم عن مصير احبائهم مستمرا، لا يستطيعون المحافظة على سبل العيش الأساسية، أو الوصول إلى ممتلكاتهم، أو الوثائق المدنية، أو الحسابات المصرفية، أو الوصول إلى الميراث، ويرجع ذلك جزئيا إلى استمرار القوانين والممارسات التمييزية التي سبقت الصراع، كما ويتعين على العديد منهم الكفاح من أجل الوصاية على أطفالهم، غالبا بدون دعم اجتماعي وفي مواجهة وصم المجتمع الأوسع.
ولفتت المفوضة الانتباه الى الاثر المباشر لهذا الضرر على الأطفال، كفقدانهم حقهم في الوصول الى التعليم، بعد فقدانهم المعيل الأساسي لأسرهم.
وعن التقرير الذي سيصدر عن مكتب المفوض السامية، شددت باشليت أن عملية اعداد التقرير ليست غاية في حد ذاتها.
كما وعرضت المفوضة السامية، ان التقرير سيراعي الأثر الجنساني على المفقودين، وان التقرير سيكفل تضمين وجهات النظر من النساء بشأن هذه القضية.
وأنهت المفوضة السامية كلمتها مشيرة أنه: “من الضروري أن يستجيب المجتمع الدولي لحجم ورعب الانتهاكات والجرائم المرتكبة في سوريا بإجراءات ملموسة لتعزيز حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والعدالة”،داعية الحكومات أن “تساهم بقوة” في اتخاذ اجراءات بشأن هذه المسألة، مؤكدة ان المشاورات قائمة بين الهيئات ذات الصلة، مثل لجنة التحقيق بالشأن السوري، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، واللجنة الدولية المعنية بالمفقودين، ومجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي.