نشرت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا تقريراً حمل عنوان “مختفون قسراً في مراكز الاحتجاز السورية بحث في تفاصيل عملية الإختفاء القسري ومصير الضحايا”
استند التقرير على شهادة 508 من عائلات المعتقلين والمختفين جاء فيه كيف ومن ولماذا ومن هم ضحايا الاختفاء القسري وحجم الأموال التي حصل عليها المستغلون نتيجة ابتزاز الأهالي
حيث دفع عدد كبير جداً من الأشخاص ( أهالي المعتقلين) مبالغ مالية للمسؤولين سواء للحصول على معلومات عن المعتقل أو مقابل وعود بالزيارة (في حالة عائلات وأقارب المعتقلين والمختفين قسراً) أو إطلاق السراح ( في حالة الناجين )، وصلت هذه المبالغ بحسب التقرير لنحو 900 مليون دولار غالباً لم تجنِ العائلات فائدة تُذكرنتيجة لدفع تلك الأموال.
الأوقات صعبة وثقيلة تمر عليهم ببطء قاتل إذ تبدأ القصة بالتواصل مع الأقارب أو الأصدقاء -هل من شخص يعرف أحداً ما يستطيع الوصول ؟
لِيَلي ذلك تخبطٌ واضح حيث تتجه العائلة الى القضاء العدلي او العسكري وهناك أمام المحكمة يتم اصطياد الضحايا حسب وضعهم المادي أو حسب اللهفة التي تبديها الأسرة .
“في الشهادات التي حصلت عليها رابطة عائلات قيصر من المنظمين لها فإن أكبر عمليات النصب يقوم بها محامون مرتبطون بالأجهزة الأمنية وهو ما أشار له التقرير”
يبتز الكثيرون من المحامين العاملين في السلك القضائي والمعروفين بالفساد أهالي المعتقلين مستغلين جهلهم بالقوانين الخاصة بوضعهم،إذ يدّعون وجود علاقات قريبة مع المسؤولين والضباط ويوهمون الأسر بأنهم يستطيعون إخراج المعتقلين أو على الأقل معرفة مصيرهم.
في معظم الحالات تتابع الأم هذا الأمر وتخشى العائلة إرسال الأب أو الأخ للبحث حتى لايتحول إلى ضحية اعتقال جديدة ،مما يجعل الأم فريسة سهلة لهذه الذئاب بسبب عاطفتها القوية وقلقها .
تقول مريم الحلاق إحدى مؤسِسَات رابطة عائلات قيصر “بعد إعلان استشهاد أيهم أخبرنا أحدهم أنه مازال حياً في المعتقل تواصلنا مع قاضٍ كان جيداً و متعاونا معنا وأخبرنا عن شخص بإمكانه تزويدنا بالخبر اليقين وبعد انتظار طويل دام لأكثر من شهر أتى هذا المدعو بشار والذي اتضح أنه محام ،ليؤكد لنا أن أيهم حيٌّ وأنه مريض في المشفى ،وأخرجوه للمعتقل ووضعوه في غرفة جيدة (وأخذوا يهتمون به لأنه بيجي منه ).أي أن أهله سيدفعون مالاً للإفراج عنه .
لا يهتم هؤلاء بما يخلفونه من ألم وقلق وزرع الأمل وانتزاعه مرة أخرى من عائلات الضحايا لأنهم أشخاص معدومو الضمائر فعلى الرغم من وصول خبر استشهاد أيهم إلى أهله إلا أنهم بدأوا بالتلاعب بهم دون أي مراعاة لمشاعرهم بهدف سلب أكبر مبلغ ممكن منهم .
تتابع مريم سرديتها ” طلب مني أن أوكل له بشكل رسمي في القضاء العسكري وعملت له وكالة كلفتني في ذلك الوقت ٤٠٠٠ ليرة وبعدها طلب بشار هذا مليون ليرة سورية مقابل الإفراج عن أيهم وبأننا سنستلمه من باب فرع المخابرات واتفقت معه على الاستلام والتسليم بنفس الوقت “
بقي المدعو بشار يتصل بها على مدار شهر أو يزيد بشكل يومي يطمئنها عن ابنها وخلال هذه الفترة لم تنم وبقيت تنتظر وتنتظر
“(وبقيت الأربعين يوماً لم أنم خلالهم سوى لحظات جالسة انتظر .)..
بينما هو يكرر اتصاله بين الحين والآخر بحجة طمأنتنا عليه إلى أن ختمها باتصال يقول فيه الأمور جاهزة هاتوا المبلغ ذهب ابني الأكبر بالمبلغ للشركة التي يعمل بها أخوه الثاني وجلسا ينتظران اتصاله بعد أن جهزت معهما ملابس لأيهم ليرتديها عندما يخرج اتصل بعد ساعتين قائلا لم يستطع إخراجه اليوم لأمور إدارية ولكنه بالتأكيد سيخرج غداً لكني سآتي وآخذ المبلغ لأعطيهم اياه واستلم ايهم رد عليه ابني رامي على الهاتف انك محامي والقانون لا يحمي المغفلين ونحن سننفذ اتفاقك مع والدتي سلم واستلم “
هذا الموقف أكد لنا أنه نصاب هكذا ختمت السيدة كلامها ولدى معاودته الاتصال بنا مرة أخرى طلبنا منه أن يتوقف.
أم كجميع الأمهات اللاتي لديهن معتقل أو مختف تحاول بشتى الطرق الوصول إلى حقيقة واحدة عن مصير أبنائهن.
لم تتوقف الأسرة عن المحاولة ولكن هذه المرة حاول الأبناء الوصول الى أخيهم كي لا تجرح امهم مرة اخرى ويتجدد لديها الأمل ومن ثم تنهار بعد ذلك . تواصلوا مع شخص يعمل لدى مسؤول عن طريق أقرباء لهم لديهم مختف تأكدوا من وفاته عن طريق هذا شخص وطلب منهم الاخير 1000 دولار وكان يساوي تلك الأيام 150.000 ليرة اخذهم على دفعات 10.000 لرؤية اسمه في قائمة الأحياء و 20.000 لتأمين مكالمة منه وهكذا….وكانت آخر الدفعات للحصول على ورقة تسمح بزيارته في سجن عدرا مع أنه يحصل عليها الجميع مجاناً .
وكانت القصة كلها كذب طبعاً .
“المجموعة التي تعامل معها قريبنا وعرفهم عليه ذلك الشخص هم مافيا المحامين ويرأسهم محامي اسمه محمد الحلاق وكانت محامية لها مكتب في شارع بغداد هي من تخبره بالخطوات”تضيف مريم
لا يكاد يمر يوم لا تتذكر فيه مريم كيف زُرع الأمل لديها وكيف انتزعوه وهذا ما جعلها تكافح لمعرفة مصير ابنها حتى حصلت على ذلك وبالنهاية تعرفت عليه ضمن الصور التي سربها قيصر لتتخذ مع مجموعة من العوائل قرار بتشكيل رابطة هدفها الأساسي استعادة رفات الشهداء ومحاسبة المجرمين لتستكمل بذلك حدادها الأخير .